التحاق المقدسيين بالجامعات الفلسطينية.. عراقيل إسرائيلية ممنهجة هدفها تفكيك التواصل 

التحاق المقدسيين بالجامعات الفلسطينية.. عراقيل إسرائيلية ممنهجة هدفها تفكيك التواصل 
القدس المحتلة - القسطل: امتازت مدينة القدس تاريخياً بكونها واحدة من أهم المراكز التعليمية بما تضمه من مكتبات ومؤسسات تعليمية زاخرة بالكتب والمخطوطات القيمة، وبالنظر الآن إلى واقع التعليم بشكل عام في القدس نجد أنه في حالة تراجع ملحوظة بسبب الممارسات الإسرائيلية في المدينة والمحاولات المستمرة لإبعادها عن واقعها وتاريخها العربي الممتد، لكن واقع التعليم الجامعي بشكل خاص في القدس أشد سوءا في ظل وجود جامعة وحيدة في القدس وهي "جامعة القدس - أبو ديس" والتي لم تسلم هي الأخرى من ملاحقات الاحتلال. ويرى محمد هلسة الأكاديمي و المختص بشؤون القدس أن واقع التعليم العالي في القدس هو جزء من حالة التعليم العالي في فلسطين بشكل عام، لكن في مدينة القدس له خصوصيته النابعة من عدة أسباب وهي أن مؤسسات التعليم العالي في مدينة القدس هي مؤسسات محدودة جداً على رأسها جامعة القدس - أبو ديس و فروعها الموزعة في عدة مناطق أخرى من المدينة، وتعد هذه الجامعة هي المؤسسة الوحيدة للتعليم العالي في القدس بالإضافة إلى عدد محدود جدا من الكليات المتوسطة مثل كلية الأمة خارج جدار الفصل العنصري، و الكلية الابراهيمية داخل الجدار.

ويتابع هلسة في مقابلة مع "القسطل" أن الطالب المقدسي بعد ما يحصل على شهادة الثانوية العامة" التوجيهي" وفي حال كانت شهادة البجروت" شهادة الثانوية العامة من حكومة الاحتلال "تعادل هذه الشهادة حسب المنهاج الفلسطيني يصبح أمام الطالب ثلاث خيارات تبدأ من الخيار الأول بالذهاب إلى مؤسسات التعليم الإسرائيلية من جامعات وكليات وهي كثيرة ومتنوعة وعلى رأسها مثلاً الجامعة العبرية في مدينة القدس وغيرها من الجامعات الإسرائيلية المفتوحة أمام الطلبة المقدسيين، لكن التحدي أمام الطالب المقدسي يكون من شقين: الأول ما يتعلق بالتكلفة المادية بحكم طبيعة الرسوم العالية جدا المفروضة على الطلبة المقدسيين ولا يستطيع غالبيتهم تغطيتها، أما الشق الثاني فيتعلق بالشروط والقيود التي تضعها الجامعات العبرية على الطلبة المقدسيين تحديدا وأبرزها إتمام اللغة العبرية واتقانها، وجزء كبير طلبة مدينة القدس ليس لديهم المقدرة الكافية في الانخراط بدراسة التخصصات المختلفة بسبب هذا الشرط وبالتالي تصبح خيارات الطالب المقدسي في التخصصات محدودة جدا.

والخيارات الأخرى تتعلق بسفر المقدسي لإتمام دراسته في الخارج من خلال منحة دراسية ممولة والمخاطر الكامنة في هذا الخيار هو إمكانية فقد الطالب هويته المقدسية لانقطاعه وخروجه خارج حدود المدينة وهذه فرصة ثمينة بالنسبة للاحتلال لسحب هويات هؤلاء المقدسيين تحت ذريعة أنه لم يتمكن من إثبات وجوده داخل مركز مدينة القدس خلال فترة زمنية طويلة وبالتالي حرمانهم من الهوية المقدسية وعدم تمكنهم مستقبلاً من العودة إلى القدس.  ويستكمل هلسة حول الخيارات المطروحة أمام الطالب المقدسي هو أن يتوجه إلى الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية أو جامعة القدس - أبو ديس، لكن الاحتلال يحاول منع الطلبة المقدسيين من الاندماج في الحيز العام الفلسطيني، لكن الاحتلال يحاول منع الطلبة المقدسيين من الاندماج في الحيز العام الفلسطيني، عبر وضع عراقيل أمام الاعتراف بالشهادات الجامعية الفلسطينية، وهو ما يعرقل اندماج الطلبة في سوق العمل بعد تخرجهم، كما أن الاحتلال الإسرائيلي يعتبر أن جامعة القدس الوحيدة هي الجامعة العبرية، إلى جانب أن التخصصات المطروحة في الجامعات الفلسطينية للطالب المقدسي لا تلبي احتياجات سوق العمل في الداخل أحيانا، خاصة وأن العمل في الداخل يناسب نوعا ما حجم التحديات المعيشية المفروضة على المواطن داخل مدينة القدس بخلاف الخريج الذي ينخرط بسوق العمل الفلسطيني.   لكن مازن الجعبري مدير مؤسسة تنمية الشباب في جمعية الدراسات العربية في القدس يرى أن ما تعانيه المنظومة التعليمية في مدينة القدس ابتداء من التعليم الأساسي حتى التعليم الجامعي سببه إقبال الأهالي المقدسيين على إلحاق أبنائهم بالمؤسسات التعليمية الإسرائيلية، كما أن الإلتحاق بالجامعات العبرية يعد ذو امتيازات متعددة للطالب المقدسي في ظل ما ستتيح له من فرص عمل داخل السوق الإسرائيلي.  ويتابع الجعبري في حديث لـ " القسطل" أن هذا الإقبال لم يكن موجودا من قبل، وازداد بشكل ملحوظ في الخمس سنوات الماضية على الأقل، خاصة وأن المدارس والجامعات الفلسطينية تعاني من تهميش وتدمير ممنهج من قبل سلطات الاحتلال. وينوه هلسه إلى أن الطالب المقدسي الحاصل على شهادة من أحد الجامعات الفلسطينية يكون بحاجة لمعادلة شهادته حتى يستطيع دخول سوق العمل بالداخل المحتل أو القدس، فمثلا المحامي المقدسي الحاصل على شهادة القانون من أي جامعة فلسطينية لا يكفي التقدم إلى امتحان النقابة الفلسطينية لمزاولة مهنته وممارستها في مدينة القدس بل عليه أن يخوض امتحان نقابة المحامين الإسرائيليين وهذا أيضا يخلق تحديا آخر لدى الخريج هو إتقان اللغة العبرية وهذا يتطلب الوقت والجهد وتكاليف مالية أكثر، وكذلك غيرها من المهن الأخرى، لكن يمكن للجامعات الفلسطينية أن تقدم بعض الحلول للطالب المقدسي من خلال تعليم اللغة العبرية وهنا يمكن اعتبار تعلم هذه اللغة كأداة مقاومة لتمكين المقدسي من تثبيت وجوده داخل حدود المدينة في ظل تصاعد عمليات التهويد والتهجير للسكان الأصليين.
. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر: